11‏/7‏/2009

رحيـل انسان اعرفه

هكذا مضى وحيدا
تلفه تلك القماشة البيضاء الزاهية
والتى تنعقد من فوق الرأس
وتنعقد من أسفل القدمين
ليدخل فى الصندوق الخشبى الضيق
والذى عندما حاول البعض وضع الغطاء القماشى فوقه
انبرى آخرون يرفضون
ليعبر ذلك الشارع العريض الذى أمضى به عمره
ولكن للمرة الأخيرة و دون أن يجول بنظره بين المارين
ودون أن يرفع يديه بالتحية
أو يرد السلام الشارع الذى أرخت أرضه سنوات عمره
والذى احتضن مسراته البسيطة
وأيضا الذى عاش فيه من آلفهم وأحبوه
وأصروا على وداعه نعم
يمكن القول وبثقة كاملة
أنه فى وداعه لم يحضر سوى محبوه
فمثلا لم يكن فى وداعه مضطر
أو مجامل هل يعكس ذلك شيئا
نعم أنه رجل بسيط
لم يملك يوما مايؤهله لمنح أو منع

ويمكننى أن أقول ربما استطاع ألا يغضب أحدا
أو يتنازع على شئ مثلا
هل بهذا المعنى
يكون ذا نفع لست أدرى لكن يمكن مثلا أن
نقول أنه أحب الناس
وسأل عن مريضهم
واقتطع من قوته المحدود
مايمنح به من هو فى عوز أكبر
فضلا عن محبته وابتسامته الدائمة
هل يشكل ذلك دخولا فى دائرة تعريف النفع
*****

حين أخبرونى
وأسرعت بالدخول عليه
لم أجرؤ أن أنزع الغطاء عن وجهه
كما فعل آخرون
فقط ألقيت نظرة محبة وفقط من بعيد
نهضت لم أستطع البكاء

الرحيل دون اعلان

ربما أراد كما كان دوما ألا يثقل على أحد
وقرر أن يذهب دون كثير من مجاملات ودون أن يتذمر منه أحد
و عند قبره

صافحت وجهى نسمات رطبة
وظللتنى تلك الشجرات الوراقه

وتأملت ماحولى فأخذتنى رهبة المكان

حيث يقف عند امتداد الحقول المنبسطة

حيث أحببت دوما أن تكون
فابتسمت على استحياء
ودعوت لك بالمغفرة
وبالسعادة التى لاتنقطع
والتى لا يملك بشر أن يمنحها له

قلت فى ما مضى
أنه علينا أن نتخيل هذه الأرض بعد مائة عام
فى تدليل على ضآلة التعلق بالزائل
ولنتخيل أن الجميع أطفالا وشبابا وشيوخا
سيكونوا قد غادروها لقد كنت مبالغا
انه يوم ولايزيد تجالس الناس صباحا
فيودعونك فى المساء
وكأنهم لم يخطو على سطحها ولم يتركوا آثارهم ولم يحبوا ويكرهوا
ويتشاجروا ويمرحوا ولم يبنوا ولم يعمروا
الى زوال ماحق كئيب
نتشاجر حتى اللحظة الأخيرة
ونتشبث حتى اللحظة الأخيرة
ثم فجأة
ومجبرين نترك كل شئ
ويبقى السؤال
هل نغادر ونترك محبين
هل نترك من يتذكروا سويعاتنا
فتغمر أعينهم الدموع تأسيا على أوقات حلوة
ويضرب فى قلوبهم وجع الفراق هل يكون ذلك مثلا من ضمن
ماينفع الناس الذى حدثنا القرآن عنه
وغيره الزبد
أنظر إبداع التعبيرالقرآنى فى وصف
المنبهرين بالزائل

َ وخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ
الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ
إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ

وتستمر الآيات

وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ
يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء
مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا
لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ

صدق الله العظيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق